responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 126
عَاقِبَتُهُ فِي عَاقِبَتِهِ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّ عَاقِبَةَ الْأُمُورِ إِلَى وَاحِدٍ ثُمَّ يُقَدِّمُ إِلَيْهِ الْهَدَايَا قَبْلَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ يَجِدُ فَائِدَتَهُ عِنْدَ الْقُدُومِ عَلَيْهِ، وَإِلَى هَذَا وَقَعَتِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ [البقرة: 110] . ثم قال تعالى:

[سورة لقمان (31) : الآيات 23 الى 24]
وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (23) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ (24)
لَمَّا بَيَّنَ حَالَ الْمُسْلِمِ رَجَعَ إِلَى بَيَانِ حَالِ الْكَافِرِ فَقَالَ: وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ أَيْ لَا تَحْزَنْ إِذَا كَفَرَ كَافِرٌ فَإِنَّ مَنْ يُكَذِّبُ وَهُوَ قَاطِعٌ بِأَنَّ صِدْقَهُ يَتَبَيَّنُ عَنْ قَرِيبٍ لَا يَحْزَنُ، بَلْ قَدْ يُؤَنَّبُ [1] الْمُكَذِّبُ عَلَى الزِّيَادَةِ فِي التَّكْذِيبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنَ الْهُدَاةِ وَيَكُونُ الْمُكَذِّبُ مِنَ الْعُدَاةِ لِيُخْجِلَهُ غَايَةَ التَّخْجِيلِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ لَا يَرْجُو ظُهُورَ صِدْقِهِ يَتَأَلَّمُ مِنَ التَّكْذِيبِ، فَقَالَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ، فَإِنَّ الْمَرْجِعَ إِلَيَّ فَأُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا فَيَخْجَلُونَ وَقَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ أَيْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ سِرُّهُمْ وَعَلَانِيَتُهُمْ/ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا أَضْمَرَتْهُ صُدُورُهُمْ، وَذَاتُ الصُّدُورِ هِيَ الْمَهْلَكُ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَصَّلَ مَا ذَكَرْنَا وَقَالَ: نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا أَيْ بَقَاؤُهُمْ مُدَّةً قَلِيلَةً ثُمَّ بَيَّنَ لَهُمْ وَبَالَ تَكْذِيبِهِمْ وَكُفْرِهِمْ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ أَيْ نُسَلِّطُ عَلَيْهِمْ أَغْلَظَ عَذَابٍ حَتَّى يَدْخُلُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَذَابًا غَلِيظًا فَيَضْطَرُّونَ إِلَى عَذَابِ النَّارِ فِرَارًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْغِلَاظِ الشِّدَادِ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَهُمْ بِمَقَامِعَ مِنْ نَارٍ، وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ لَطِيفٌ وَهُوَ أَنَّهُمْ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُمُ الْأَمْرُ وَقَعَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْخَجَالَةِ مَا يَدْخُلُونَ النَّارَ وَلَا يَخْتَارُونَ الْوُقُوفَ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِمْ بِمَحْضَرِ الْأَنْبِيَاءِ، وَهُوَ يَتَحَقَّقُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا. ثم قال تعالى:

[سورة لقمان (31) : آية 25]
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25)
الْآيَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَا قَبْلَهَا مِنْ وَجْهَيْنِ أحدهما: أنه تعالى لما استدل بخلق السموات بِغَيْرِ عَمَدٍ وَبِنِعَمِهِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ بَيَّنَ أَنَّهُمْ مُعْتَرِفُونَ بِذَلِكَ غَيْرَ مُنْكِرِينَ لَهُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْحَمْدُ كُلُّهُ لِلَّهِ، لِأَنَّ خَالِقَ السموات والأرض يحتاج إليه كل ما في السموات وَالْأَرْضِ، وَكَوْنُ الْحَمْدِ كُلُّهُ لِلَّهِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُعْبَدَ غَيْرُهُ، لَكِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ هَذَا وَالثَّانِي: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا سَلَّى قَلْبَ النبي صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ أَيْ لَا تَحْزَنْ عَلَى تَكْذِيبِهِمْ فَإِنَّ صِدْقَكَ وَكَذِبَهُمْ يَتَبَيَّنُ عَنْ قَرِيبٍ عِنْدَ رُجُوعِهِمْ إِلَيْنَا، قَالَ وَلَيْسَ لَا يَتَبَيَّنُ إِلَّا ذَلِكَ الْيَوْمَ بَلْ هُوَ يَتَبَيَّنُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأنهم معترفون بأن خلق السموات وَالْأَرْضِ مِنَ اللَّهِ، وَهَذَا يُصَدِّقُكَ فِي دَعْوَى الْوَحْدَانِيَّةِ وَيُبَيِّنُ كَذِبَهُمْ فِي الْإِشْرَاكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى ظُهُورِ صِدْقِكَ وَكَذِبِ مُكَذِّبِيكَ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَيْ لَيْسَ لَهُمْ عِلْمٌ يَمْنَعُهُمْ مِنْ تَكْذِيبِكَ مَعَ اعْتِرَافِهِمْ بِمَا يُوجِبُ تَصْدِيقَكَ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ لَا يَعْلَمُونَ اسْتِعْمَالًا لِلْفِعْلِ مَعَ الْقَطْعِ عَنِ الْمَفْعُولِ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ فُلَانٌ يُعْطِي وَيَمْنَعُ وَلَا يَكُونُ فِي ضَمِيرِهِ مَنْ يُعْطِي بَلْ يُرِيدُ أَنَّ له عطاء ومنعا فكذلك هاهنا قَالَ لَا يَعْلَمُونَ أَيْ لَيْسَ لَهُمْ عِلْمٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ مَفْعُولٌ مَفْهُومٌ وَهُوَ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الْحَمْدَ كُلَّهُ لِلَّهِ، وَالثَّانِي أَبْلَغُ لِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: فُلَانٌ لَا عِلْمَ لَهُ بِكَذَا، دُونَ قَوْلِهِ فُلَانٌ لَا عِلْمَ لَهُ، وَكَذَا قَوْلُهُ فُلَانٌ: لَا يَنْفَعُ زَيْدًا وَلَا يَضُرُّهُ، دُونَ قَوْلِهِ: فُلَانٌ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ. ثُمَّ قَالَ تعالى:

[1] في الطبعة الأميرية «بل قد يوثب» وما أثبته الأقرب إلى المعنى والأظهر إن شاء الله.
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست